قد يتغير شئ ما فى حياتك بسبب كلمة سمعتها أو قرأتها ...

قد يتغير شئ ما فى حياتك بسبب كلمة سمعتها أو قرأتها , قد تخسر يوماً صديقا أو زميلا بسبب كلمة سيئة قالها عنك , ربما شعرت مرةً أو مرات بسعادة غامرة بسبب كلمة ثناء سمعتها , قد تشعر بضيق وكآبة بسبب كلمة سيئة سمعتها أو قيلت عنك , ربما زاد حبك يوماً لشخص ما بسبب كلماته الطيبة عنك , ربما زاد حماسك لعملٍ ما بعد كلمة تشجيع سمعتها , قد تكون متحمساً لعمل أو شخص ثم تسمع رأياً سلبياً عنه فَيقَل أو حتى ينعدم هذا الحماس , إذا كان هذا يحدث فى حياتنا اليومية فهذا يؤكد على مدى ثأثير الكلمات على حياتنا .
----------------------------------------------------------------------------------
عندما نقول أو نعلن عن شئ فإننا نقطع أكثر من نصف الطريق لتحقيق هذا الشئ ، وذلك لأن إعلاننا عن هذا الشئ يجعلنا على استعداد نفسى لتحقيقه كما أنه يملأ عقولنا قناعة بإمكانية تحقيقه .
----------------------------------------------------------------------------------
يقول أحد الأطباء النفسيين المتخصصين فى علم النفس الصناعى أنه اختبر بعضاً من أنجح من يشتغلون بالوظائف التنفيذية فى كل أرجاء الولايات المتحدة وكندا ، ومن خلال هذا تعلم الكثير من الأشياء الرائعة عن هؤلاء الذين حققوا نجاحاً بالغاً ، ومن بين هذه الأشياء بل ومن أهم هذه الأشياء أنه يستحيل عليهم أن ينطقوا بكلمات تعبر عن الفشل أو الخوف أو القلق .. وإننا إذا تأملنا هذا الموقف سوف نجد أن رفض هؤلاء الناجحين الرائعين التحدث عن قلق أو خوف من الفشل كان لأنهم يعلمون أن الكلمات التى نرددها لها تأثير كبير على الطريق الذى نسلكه بعد ذلك سواء كان هذا الطريق فشل أو نجاح .
----------------------------------------------------------------------------------
احذر فكلماتك تتحول إلى أفعال , نعم إن كلماتنا التى نعلنها تسرى دون أن ندرى لتستقر فى العقل الباطن مما يسهل علينا بعد ذلك الاستجابة لها بل إننا فى كثير من الأحيان نسلك دون أن ندرى السلوك الذى يؤكد ما نقوله من كلمات .
----------------------------------------------------------------------------------
إن ما يفكر فيه الناس ويتحدثون عنه يتزايد ويصبح أفعالاً . فالشئ الذى نفكر فيه كثيراً ونتحدث عنه كثيراً يتزايد حتى يتحول إلى فعل .
----------------------------------------------------------------------------------
حين سئل أحد مسئولى المدن " كونفوشيوس " هذا المصلح الكبير عن الكيفية التى يصلح بها أحوال مدينته أجابه بقوله : « اضبط الألفاظ فإنه إذا انضبطت الألفاظ انضبطت الأفعال ».
----------------------------------------------------------------------------------
ربما يقول قائل : هل كل ما نقوله ونعلن عنه نحققه ؟ وله نقول أننا نقطع نصف الطريق أو يزيد نحو تحقيقه لكن يبقى بعد ذلك ما نبذل من جهد فى سبيل تحقيق هذا الذى نقوله ونعلن عنه ولكن فى المقابل « إذا لم تعزم على شئ وتعلن عن هذا الشئ وتخبر نفسك وغيرك بهذا الشئ فلن تحقق أبداً هذا الشئ ». إن إعلاننا عن أمنياتنا يمنحنا الثقة والقوة وهو ما يقطع بنا نصف الطريق نحو تحقيقها .
----------------------------------------------------------------------------------
رجل أعمى يجلس بجوار عمارة واضعاً قبعته بين قدميه ووضع بجواره لافتة مكتوب عليها ( أنا أعمى أرجوكم ساعدونى ).. مر رجل إعلانات بالأعمى ونظر فى قبعته فلم يجد بها سوى قروش قليلة فوضع فيها المزيد ودون أن يستأذن الأعمى أخذ لوحته وكتب إعلاناً آخر .. ثم مضى وعاد فى نهاية اليوم فوجد أن قبعة الأعمى قد امتلأت بالقروش والأوراق النقدية .. الأعمى عرف الرجل من وقع خطواته فسأله إن كان هو من أعاد كتابة اللوحة ؟ فقال له : نعم . فسأله ماذا كتبت عليها ؟ فأجاب لا شئ غير الصدق فقد أعدت صياغتها فحسب وابتسم وذهب . أتدرون ماذا كتب عليها ؟ لقد كتب ( نحن فى فصل الربيع .. لكننى لا أستطيع رؤية جماله ), فلو تأملنا هذا الموقف لوجدنا أن الأعمى لم يتغير .. والمكان لم يتغير .. والقبعة لم تتغير .. وشكل اللوحة لم يتغير .. والناس لم تتغير .. ما الذى تغير إذن ؟ ما الذى جعل مشاعر الناس وقراراتهم تتغير؟ ما الذى جعل شخصاً يمر صباحاً ولا يضع شيئاً ثم هو هو من يضع فى المساء ؟ لم يتغير شئ إلا « الكلمات ».. فالجملة الأولى كانت جملة تسول عادية لا تجذب الكثيرين أما الجملة الثانية فكانت أكثر جذباً للانتباه كما أنها لم تكن تقليدية . هذا الموقف يدل على مدى تأثير الكلمات فى المشاعر والقرارات فتغير الكلمات أدى إلى تغير المشاعر وتغير القرارات .
----------------------------------------------------------------------------------
الكلمة تفعل الكثير , فكلمة قد تزيد مشاعر الحب لديك .. وأخرى قد تعمق مشاعر البغض لديك .. كلمة قد ترفع من همتك وعزمك .. وأخرى قد تثبط همتك وعزمك .. كلمة قد تخفف حدتك وثورتك .. وأخرى قد تستفز غضبك وحميتك .. فكلماتك تصنع حياتك لأنها تؤثر فى المشاعر وتغير في القرارات .
----------------------------------------------------------------------------------
كلماتك تصنع حياتك لأن الناس لا يرون قلبك .. وقد لا يفهمون تعبيرات وجهك .. لكنهم يسمعون قولك ومن قولك يحكمون على عقلك وقلبك .
----------------------------------------------------------------------------------
 ما من شك أن معظم آراءنا فى الآخرين تنبع من خلال ما نسمعه منهم من كلمات ، فنصف من يكثر من المداعبة بالمرح ، ونصف صاحب الكلمات القاسية بالفظ الغليظ ، ونحب صاحب الكلمات الرقيقة ، ونسعد بمصاحبة صاحب الكلمات المتفائلة السعيدة ، وتقر أعيننا بمن يشجعنا ويقدرنا ، ونكره مصاحبة دائمى الشكوى والأنين .. إذن فنحن نصدر آراءنا فى الآخرين من خلال كلماتهم , ومن ثم نعاملهم من منطلق آراءنا فيهم , وكذلك يعاملنا الاخرون تبعاً لما ننطق به من كلمات .
----------------------------------------------------------------------------------
لم يخطئ من قال « تكلم حتى أراك » ولم يخطئ أيضاً من قال : « فى كل مرة نفتح فيها أفواهنا ، نكشف شيئاً عن أنفسنا »، ولم يخطئ كذلك علماء النفس حين قالوا :
إن الكلمات التى نقولها تتسرب إلى عقلنا الباطن لتصبح جزءاً من شخصيتنا وسلوكنا كما أن كلماتنا تبين للآخرين شخصيتنا كما تبين لهم مدى جديتنا والتزامنا .
---------------------------------------------------------------------------------- 
هناك مثل صينى جميل يقول : « لو أردت أن تعرف عقل المرء فلتنصت إلى كلماته », وكأن عقولنا مخبوءة بين ثنايا ألسنتنا .. فما ننطق به وما نتحدث به يحكم به الناس على عقولنا وأفكارنا .
----------------------------------------------------------------------------------
قال رسول الله  (صلى الله عليه وسلم) : « إن فى الجنة غرفا يُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها » فقال أبومالك الأشعرى : لمن هى يا رسول الله . قال : « لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائماً والناس نيام » (حديث حسن رواه الحاكم وحسنه الألبانى).
فغُرف الجنة التى يشوقنا إليها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تكون أول ما تكون لمن أطاب الكلام .. فالكلام الطيب إذن طريق للتنعم فى غرف الجنان .
----------------------------------------------------------------------------------
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : « ما منكم من أحد إلا سيكلم ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ، فاتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيبة » ( رواه البخارى ومسلم ).
نعم فبكلمة طيبة تُتَقى النيران .
----------------------------------------------------------------------------------
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى جزء من حديث صحيح : « والكلمة الطيبة صدقة » ( رواه البخارى ومسلم ).
فكل كلمة طيبة ننطق بها هى لنا صدقة نتصدق بها وننال أجرها .
----------------------------------------------------------------------------------
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت » ( أخرجه البخارى ومسلم ).
فبكلماتنا ندرك علامة من علامات الإيمان أو الكفر والعصيان .. ندرك علامة من علامات الإيمان إذا نحن لم ننطق إلا بالخير وصمتنا عن كل شر ، وندرك علامة من علامات العصيان إذا نحن نطقنا بما يغضب الرحيم الرحمن .
----------------------------------------------------------------------------------
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): « إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه ». (أخرجه ابن ماجه والترمذى وأحمد وصححه الألبانى).
فكلمة واحدة من رضوان الله ننطق بها وربما نستهين حينها بأثرها قد يكتب الله لنا بها رضوانه إلى يوم أن نلقاه ، وكلمة أخرى من سخط الله ننطق بها قد يكتب الله بها علينا سخطه إلى يوم أن نلقاه .
----------------------------------------------------------------------------------
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : « إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوى بها فى النار سبعين خريفاً » (أخرجه الترمذى وابن ماجه وأحمد).
فكلمة ينطق بها أحدنا دون اهتمام أو مراجعة قد تهوى به فى النار سبعين خريفا .
----------------------------------------------------------------------------------
الكلمات الطيبة الصادقة المخلصة هى طريق لرضوان الله .. هى طريق لجنة الله .. والكلمات السيئة طريق لسخط الله .. طريق لعذاب الله .. وعلينا نحن أن نختار فإما أن نجعل ألسنتنا هى جنتنا فى الدنيا وطريقنا لجنة الآخرة ، وإما أن نجعلها نارنا فى الدنيا وطريقنا لنار الآخرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.